بعد أقل من أسبوع على قيامها بأقوى مناورة لسلاحها الجوى ، بدأت إسرائيل بإجراء أوسع وأخطر مناورة أُطلق عليها اسم \"نقطة التحول 3\"
، يشارك فيها كل الإسرائيليين ، جنودا ومدنيين ، للإستعداد لأى ضربة عسكرية واسعة قد تشنها إيران أو أى دولة عربية على إسرائيل ، ولايغيب على المراقب للصراع العربى الإسرائيليى ، أن هذه المناورة الواسعة لها أبعادها المختلفة ، ومن ثم فإنها تبعث برسائل عديدة ، إلى الكثير من المرسل إليهم .
ومن أهم المرسل إليهم الرأى العام العالمى ، الذى تهتم به إسرائيل أيما إهتمام ، فإسرائيل مازالت هى الدولة الصغيرة ، التى أنشأها قلة قليلة من اليهود ، اللذين عانوا ومازالوا يعانون الويلات ، ليس لسبب ، إلا لأنهم يهود ، العرب وإيران وكثير من المسلمين مازالوا يعادونها ، ويصرون على العمل على إزالتها من الوجود ، وإسرائيل هى التى تمثل رأس الحربة للحضارة الغربية ، أو بالأصح للحضارة المسيحية الحديثة ، أو قل الصليبية الجديدة ، فينبغى أن تستمروا أيها الغربيون فى تدعيمكم لها ، وخاصة أنها تعيش وسط دول وشعوب متخلفة ، ولايبدو أن لهم طموحات
أوآمالا يعملون جادين لتحقيقها .
ومن أهم الرسائل الأخرى ، وقد تكون هى الأهم ،من وجهة النظر الإسرائيلية ، فهى الموجهة إلى الإسرائيليين ، فتقوم هذه المناورة ، على أساس أن الإسرائيليين المدنيين هم عسكريون مثلهم مثل كل الجنود فى الجيش الإسرائيلى ، أو كأن الجيش هو الشعب ، والشعب هو الجيش ، ومن ثم فهى رسالة تطمين لهم ، فإسرائيل دولة قوية لها أنيابها وأذرعها وقوتها الفائقة ،التى تستطيع بها أن ترد على أى هجوم متوقع ، بل ويمكنها أن تشن الهجمات القاسية على أى دولة ،ولو كانت من غير دول الجيرن مثل إيران ، فلا تهاجروا إلى الخارج وإبقوا هنا ، بل هو نداء إلى كل يهود العالم
ليظلوا واثقين فى القيادة لإسرائيلية ،و فى المجىء إلى إسرئيل وقتما يشاءون.
ولايغيب على اللبيب أن يربط بين توقيت هذه المناورات وتوقيت زيارة باراك أوباما الرئيس الأمريكى للمنطقة ، فالرسالة الموجهة لأوباما ، أننا هنا نحن الإسرائيليين فى منطقتنا ، ونحن أعلم بطبيعة العرب والمسلمين أكثر منك ، فالبقاء للأقوى ، ومن ثم يجب أن نستمر فى تدعيم قوتنا العسكرية والإقتصادية ، وأن يظلوا هم الأضعف عسكريا وإقتصاديا ، وأن نضعفهم نفسيا ، حتى لايفكروا فى أن يتقدموا فى أى مجال من المجالات ، ولابد من شن الحرب تلو الحرب على هذه الدول وتلك الشعوب ، لإضعافهم أولا بأول ، والحوار أو الكلام عن السلام يا سيد أوباما ليس هو الوسيلة
المثلى مع هؤلاء.
إلى إيران ولبنان وسوريا والفلسطينيين اللذين إختاروا المقاومة لهم سبيلا ، ترسل هذه المناورات رسالة مفادها أن إسرائيل ، هى الأقوى عسكريا ، مدعومة من الدول الغربية ومن الرأى العام العالمى يمكنها أن تشن أى حرب ضد أى دولة ، وفى أى وقت تريد ، وإن ظهر ضعفها فسيُهرع لها العالم الغربى لنجدتها بأقصى سرعة ، فلتأتوا إلى الحوار ، طائعين أو مكرهين ، راغبين أو كارهين ، وإلى السلام على الطريق الإسرائيلية ، لا على طريقة المبادرة العربية ، ولا حتى على طريقة محمود عباس الرئيس الوهمى لفلسطين ، والتى لاتقوم إلا على الإستجداء والإرتماء فى أحضان
الأحبة ، اليهود والأمريكان .
وإلى الدول العربية المسماة بدول الإعتدال مثل مصر والسعودية والأردن ، تقول هذه المناورات لهم وللدول التابعة لهم : إبقوا مكانكم وإستمروا فى الحديث عن أهمية السلام وعجلة السلام ، والتنديد والشجب للإعتداءات الوحشية التى تقوم إسرائيل بها ضد الشعب الفلسطينى الأعزل ، ولاتنسوا أن تهيئوا الأماكن اللائقة لمؤتمرات السلام كشرم الشيخ المصرية .
إسرائيل تعربد فى المنطقة ولاتعير أى دولة من الدول العربية إهتماما ، تهدد وتتوعد بكل الدول التى تعاديها ، وأيضا التى أبرمت معها معاهدات سلام ، التهديدالإسرائيلى ليس بالمناورات فقط ، وإنما بالعمل المستمر والمتواصل من أجل أن تمتلك إسرائيل أكبر ترسانة نووية وعسكرية بعد أمريكا ، لدرجة أنها تقوم بتصنيع العديد من الآلات العسكرية الدقيقة والحديثة وكذلك الثقيلة ، وتصديرها إلى الكثير من الدول الغربية المتقدمة ، فضلا عن إطلاق أحدث الأقمار الإصطناعية للقيام بالتجسس عسكريا على الدول العربية ، المسالمة والمعادية ، أما نحن العرب فقد
سبقناها فى إطلاق أقمار إصطناعية إستأجرناها من دول غربية من أجل بث الأفلام والمسلسلات العربية والغربية والتركية المدبلجة ، فى إسرائيل البحث العلمى يبلغ نسبة عالية من الدخل القومى ، أما عندنا نحن العرب فلا يصل إلى نسبة النصف فى المئة من الدخل القومى ، نتكاسل فى محاسبة من سرقها أوبددها فيما لايفيد، والخلافات العربية العربية مستمرة ولم تنقطع ، فضلا عن الصراعات الداخلية بين طوائف معظم شعوب المنطقة ، وليلا ونهارا ، نغنى معا وبصورة جماعية : تحيا الوحدة العربية.
كتبها : محمد شوكت الملط